فزع
حقيقي
كان
يجلس على السفرة يقرأ الجريدة، تسللت على أطراف أصابعها لكي لا يشعر بها و عندما صارت وراء ظهره قفزت على كتفيه صارخةً:
-
صباح الخير أبي.
قفز
بذعر ثم نظر ثم نظر لها مؤنباً:
-
فرح...ألن تتوقفي عن هذه العادة أيتها
الشقية؟
أنارت
ضحكتها الجميلة وجهها الملائكي الصغير:
-
كل يوم أفعلها و بكل مرة تقفز مذعوراً كأنها المرة الأولى.
-
حسناً اسخري مني كما يحلو لكِ.
طوقت
كتفيه بذراعيها:
-
لا تغضب لن أكررها مرة أخرى.
نظر
لها بتشكك:
-
في كل مرة تقولين أنها الأخيرة لكنك لا تتخلين عن عادتك المفضلة بإفزاعي.
ابتسمت
قائلة بإخلاص:
-
هذه المرة أتكلم بصدق و لن أكررها.
-
وعد؟
هزت
رأسها بقوة فانتشر شعرها الأشقر الناعم حول وجهها، ابتسم و هو يعلم أن هذا المشهد
الصباحي سيتكرر... في الغد ستأتي عصفورته الصغيرة لتنقض عليه و سيتصنع الفزع ليسمع
ضحكتها الرائعة، استفاق من شروده على هزّه من يدها:
-
أبي... توقف عن التحديق بالجريدة و تناول فطورك إنه يومي الأول بالمدرسة... لا
أريد أن أتأخر.
ربت
على شعرها بحنان... لقد كبرت عصفورته الصغيرة.
**************************
جلس
أمام فطوره الذي لم يمسه محدقاً في الجريدة... لقد طال انتظاره اليوم، انتفض عندما
وضعت زوجته يدها على كتفه التفت:
-
أهذه أنتِ يا فرح؟
صدم
برؤية وجه زوجته مبللاً بالدموع:
-
لقد رحلت...أمازلت تنتظرها؟ لقد ماتت... ماتت.
أشاح
بوجهه و أغمض عينيه بألم... نعم مازلت أنتظرها لتقفز صارخةً لأقفز فزعاً و بعدها
أسمع تلك الضحكة...تلك الضحكة التي كانت آخر ما رآه على وجهها و هي تعبر الطريق
راكضةً تجاهه قبل أن تصدمها السيارة و ساعتها... إنتابه فزع حقيقي.